رابط قراءة المقال الكامل لاورسيلا كليدير Ursula Clidière https://philosophyofcoaching.org/v10i1/04.pdf
ملخص علمي
يستكشف هذا المقال التقاطع بين التوجيه وبين العلاج النفسي من خلال عدسات نظرية تنمية الكبار، بحيث يتعمق في تعريف الصحة النفسية، ومعايير الإحالة من التوجيه للعلاج النفسي، والمخاطر المرتبطة بالإحالة غير المقنّنة. وبينما تتعامل المعايير الحالية الارشادية في مهنة التوجيه الاحترافية مع المؤشرات السلوكية وجدارات الممارسة التوجيهية، تتغاضى هذه المعايير في جملتها عن الأبعاد التنموية لتحديات الصحة النفسية وأثر هذه الأبعاد على الإحالات. ويبني المقال أسسه على أبحاث المختصين روجر وكيغان (1991) Roger and Kegan والتي تعني بالإفصاح عن الأعراض في مختلف المراحل التنموية، وكييس (2017) Keyes’ في النموذج التدرجي المزدوج، وباسيتيز وماسكولو (2010) Basseches and Mascolo في تعريف التنمية في العلاج النفسي، لاسكي (2023) Laske في البعد الاحتياجي في إطار التنمية البناءة Constructive Developmental Framework والذي يفحص بعمق تحليلي كيف أنّ الصحة النفسية تتشكّل من خلال التفاعل بين القدرات التنموية والاحتياجات النفسية والاثر الناتج من جراء تعطيل التوازن بينها. وبتوظيف التصورات الناشئة عن نظريات تنمية الكبار في قرار الإحالة، يتحدى هذا العرض للنظريات وتحليلها، الممارسات الحالية في الإحالة، ويتطلب أسلوب شمولي مختلف. يتطلب هذا الاسلوب في جملته دمج بين الأبعاد النفسية والتنموية ومعاييرها لتحسين ممارسات الصحة النفسية والقرارات التي تنتج بين التوجيه والعلاج النفسي.
ملخص د. غادة عنقاوي من المقال[2].
قبل أن ألخص لكم رأيي في الموضوع دعوني آخذكم في رحلة لفهم نظرية تنمية الكبار حسب كيغان (1991) Roger and Kegan حيث أنه صاحب نظرية التحوّل العقلي والتي تركز على أن الانسان يولد (1) بعقل بدائي يرى فيه العالم على أنه امتداد لذاته وأن حياته تعتمد كبير على هذه الذاتية فهو يصرخ للأكل والشراب ولتغيير كل ما يعترض طريقه في التحرك لرغباته. مثله في ذلك مثل الحيوان يسعى لما فطر عليه. ثم مع نموه يتقدّم ليصبح (2) عقله متطوّرا لكي يحقق الاستقلالية المهمة، ولكنه لا يظل يرى ذاته بحسب السياق الذي يترعرع فيه وينمو محدودا بمحدودية السياق ومتمركزا بشكل كبير على ذاته وممتلكاته واندفاعي غير منطقي ويحكي هذا قصة الطفل في أيام المدرسة الابتدائية. ثم يتحرّك ليكون (3) عقله أداة لنموه واستقلاله الكامل عن بيئته، بل في تكييفه مع بيئات جديدة حيث يميز ويصنف ويتلقى الأوامر وينضبط تحت القانون أو التشريعات التي تعطيه إدراك للآخرين حوله ورغباتهم. ثم ينمو ليدخل في (4) العقل الاجتماعي والذي ينظم علاقته بالآخرين في كل جوانب الحياة حيث يدرك أبعاد هذه العلاقات ويختار التعاون ويهتم بنظرة الآخرين له. ثم يتحرك ليكون (5) العقل المؤلف والذي يصمم حياته بنفسه ويختار كيف يعيشها بقيمها الخاصة واعتقاداتها لعمل بكفاءة وفعالية ويكون عضوا فعالا في مجتمع ، وهي أقل درجات النضج حيث يستطيع أن ينسق بين مشاريع متعددة ومتوازية ومهمات صعبة ويستطيع أن يميز تلك العلاقات الضارة به والتي تشكل خطرا عليه. وأخيرا[3] (6) العقل التحوّلي والذي يحدث عادة بعد سن الأربعين حيث يستقبل أبعاد المعاني والعلاقات والتي لا لم يكن يراها من قبل ويتناول معالجة المتناقضات بأريحية[4].
وأما نظرية لاسكي (2023) Laske[5] فهي تنبني على كيغان بشكل كبير، ولكن يفصل فيها ما يسمى باحتياجات وضغوط. الاحتياجات داخلية، وهي تلك المناطق وعددا 18 في داخل الانسان التي تحتاج لإشباع أثناء مراحل النمو وتظل معه تصحبه في كل المراحل إذا لم تجد لها ما يشبعها لتتحرك به للأمام. وأما الضغوط فهي خارجية وتحدث بشكل غير متنبأ به في سياقات الحياة المختلفة وتحدث عنده صراعا بين احتياجاته وبينها. وبدون دخول في الاحتياجات الثمانية عشر والضغوط لعلّ القارئ يفهم من هذا العرض خلاصة النظرية.
لماذا كلا النظريتان مهمة في فهم موضوع إحالة المستفيد المستوجه في عملية التوجيه؟ أولا لأن الاتجاه السائد حاليا يركز على السلوكيات التي تظهر للموجّه وهو يمارس عملية التوجيه مع المستفيد المستوجه، وثانيا لأن الموجّه ذاته قد لا يعرف أنّ ما يظهر أمامه من سلوك ربما يكون حاجة تنموية تتصارع مع ضغط خارجي في مرحلة مهمة من مراحل نمو المستفيد من التوجيه. ولذا يتطل الأمر شيء من التعمق ومنظار إضافي يسمح لتبرير وفهم السلوكيات في ضوء نظريات تنمية اكبار قبل أن يتقدم الموجّه للإحالة والتي قد تقطع علي المستفيد فرصة تنمية ربما تحدث في المساحة التوجيهية أو تؤخر تلك الفرصة تماما وتحدث ما يعرف بردة الفعل السائدة تجاه العلاج السلوكي النفسي أو العلاج النفسي والذي عادة ما يكون مرتبطا بمرض نفسي أو تدهور ملحوظ في الصحة النفسية ( سلوكيات يمكن قياسها من قبل الاخصائي السلوكي النفسي أو الطبيب النفسي) ويتم الحكم على الشخص ويخضع لخطة علاج هو في غنى عنها والموضوع كله متعلق بمرحلة نمو يحتاج أن يجتازها. وربما بسبب الإحالة يعرض الشخص تماما عن أي مساعدة وينتهي الأمر ويحدث لديه مضاعفات حقيقية تنتقل به من مرحلة النمو التي كان يمر بها وتتصعد لتصبح مرضا نفسيا.
المقال يعالج هذا الأمر بإضافة المنظار الخاص بتنمية الكبار والذي قد يجنب الموجه الكثير من الحيرة والتردد وهو مقدم على الإحالة ويضيف عمق جديد وإعادة ترسيم لحدود المرض النفسي وأعراض النمو للكبار بحيث يستطيع الموجه من خلال فهم عميق لطبيعة نمو الكبار ومراحلها أن يقيم الاعراض السلوكية ولا يتسرع بالحكم على المستفيد أو بتجنب التوجيه ويصبح لديه فوق ذلك أدوات جديدة يستطيع بها أن يقدم الدعم للصحة النفسية وللنمو السليم.
توصي كاتبة المقال بتدريب الموجهين على التعرف على أعراض المرض النفسي من خلال نظريات تنمية الكبار لكي وتزويدهم في التدريب الأساسي قبل الوقوف أمام المستفيد في جلسة توجيهية أيا كان نوعها بمثل هذه الأدوات والتي تسمح لهم بعمق أكبر في التعامل مع الحالات التي تبدو في ظاهرها على أنها أمراض نفسية وهي مجرد مراحل نمو. وأما أ، يتم التصرف بناء على ضوابط سلوكية فهذه له مخاطر منها أيضا أن ينتهي معظم المستفيدين في العيادات النفسية بين الدواء والعلاج النفسي الطويل لحالة بسيطة قد تتطلب فقط نوعا من الفهم والتأمل والتعمق في مرحلة النمو الحالية التي يمر بها العميل. يظهر ذلك كله في وقت يزداد فيه الاخصائيون النفسانيون مع ازدياد حالات المرض النفسي في تطارد غريب مستمر مما يعني أن الأمر يحتاج إلى أكثر من جدارات توجيهية للحكم على شخص ما.
تفرق الكاتبة بين تعريف الصحة النفسية والمعافاة والمرض النفسي وتقرّ بأنها أبعاد متوازية بين الركود النفسي Languishing وبين النماء Thriving. ولكي نغوص بشكل أعمق كل من هذه الحالتين على طرف النقيض تتضمن مستويات عديدة من المشاعر الإيجابية والسلبية وتتعلق بحالات متعددة من الأداء Functioning وعدمه. تختار في تعريفها للصحة النفسية بين ثلاث تعريفات مهمة تعريفا يتضمن تفاعلا مستمرا بين مراحل النمو المستمر والمتبدل بدلا من الحالة الراكدة أو الجامدة في تقييم الصحة النفسية لكي تسمح لشمولية المنظور السابق من خلال عدسة تنمية الكبار ونظرياتها. الكلام يطول في الموضوع، ولكنه في وسط الحدث لأننا في عالم الضغوط والمتغيرات المستمرة ولأن علينا أن نفتح أنفسنا وعقولنا وكل ما نملك لبعض في العلوم المساعدة Helping professions والتي نملك من خلالها أن نصنع الفرق في حياة الآخرين. وأرجو ألا أفهم خطأ في نقلي هذا، وعلى الحريص منكم أن يتناول الموضوع باللغة الإنجليزية ويترجم المفردات ويدير حوارا مستمرا مع المختصين. ولا أفضل من حوار الاشراف التوجيهي والذي لا زال الإقبال عليه ضعيفا في العالم العربي بالرغم من أنه مساحة آمنة لاستكشاف تلك النظريات مع الموجّه المختص في رحلة تأمل قوية وعميقة الصدى.
شكرا للجميع على القراءة وشكرا على التعليق.
د. غادة طلال عنقاوي
[1] الترجمة الحرفية للنظرية الخاصة بAdult Development ويقابلها تنمية الطفل Child development.
[2] ملخص د. غادة عنقاوي من المقال يعبر عن رأيها وفهما الشخصي بعد قراءة متأنية وفاحصة وهو اسهام منها في اثراء الحوار في موضوع المقال فقط وليس رايا قاطعا ينقل عنها أو اتجاه حتمي في الموضوع. الموضوع كما ذكرت الباحثة أورسلا تحت الفحص والبحث وهو يفتح ابوابا من الحوار بين المختصين في المجال.
[3] وليس آخرا فهي مجرد نظرية تحتاج لمراجعة وبحث وتطوير كغيرها من نظريات التنمية.
[4] ارجع لكيغان ونظرية Kegan’s Levels of Consciousness or Orders of the Mind. وهي موجودة بأكملها في https://uthsc.edu/tlc/self-authorship.php لمن أحب أن يتوسع أو يحفظها مرجعا له فيما بعد وبخاصة منكم من يصمم تنمية الكبار. شاهد أيضا الفيديو لكيغان وهو يتحدث عن ذلك شاهد الفيديو لكيغان وهو يتحدث: https://youtu.be/6CU2CCdV9sU–
[5] https://www.researchgate.net/publication/374767445_A_Developmental_Theory_of_Work_Capability ايضا شاهد المحاضرة التالية https://www.youtube.com/watch?v=xjK7WpVGRg8
